top of page

عزيزي الحر بزيادة

  • صورة الكاتب: أحمد القاضي
    أحمد القاضي
  • 11 أغسطس 2020
  • 4 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 13 أغسطس 2020

بسمك اللهم السلام.. مني أنا المتحررَ الأصوليَ، المتحضرَ الرجعيَ، إليك عزيزي الحر بزيادة: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنك ما دعوت إلى الحرية فلا بد أن تكفلها للجميع، حتى المخالفين لك في مذهبك الداعي إلى الحرية المطلقة ممن تسميهم «الرجعيون» فإنك بدعواك مسلوبُ التحقير من شأنهم، لأنهم أحرار فيما يذهبون، وسَليبُ قمع حرياتهم في السلوك أو الاعتقاد، ولا يجب أن تشوه صورهم، ولا مذاهبهم، ولا تلطخ معتقداتهم بزائف المسميات، وأسخف العنونات الخادعة، التي تضلل السامع والقارئ؛ فتجذبه إلى إيجابية الوقع الصوتي، ولمعان الوهلة الأولى، وبريق الانطباع الأول، ثم تدفنه وتغوص به في وحل القاذورات المُبطنة، ووَسَخِ الحوايا المُنتنة، وبعد ذلك أنت تَحْرِمُه بخديعتك النورَ المكنونَ في كساءِ الظُلَمِ الذي كسوت به الفضائل؛ فمثلا أنت تدعو إلى العري والخلاعة باسم التحرر والحضارة، وتسمي العفة والحياء رجعية وتخلفًا لا أخلاقًا ومبادئَ- وهذا ليس على سبيل الحصر- وأنت تسمي المبادئ المخالفة بأسماء سلبية وعناوين تنَفِّر السامع الذي لا يرغب بالطبع أن يُمَيَّزَ ضده أو أن يكون من الفئة المتخلفة في المجتمع، ولا أن يشعر بالشذوذ عن ناسه وأوساطه، وهذا والله لا يذكرني كلما تطرقت إليه إلا بحديث إبليس لما أن قال: «لأزيِّنَنَّ لهم في الأرض ولأغويَنَّهم أجمعين. إلا عبادك منهم المُخلَصين» فهذا هو بعينه تزيين الباطل، وهذه الفئة أو الطائفة المحصورة في ظُلْمِ تسميتك- التي هي من وحي إبليس- هي الفئة المُخْلَصة من تزييف إبليس، المُخَلَّصة من تبعيته إلى حيث ينال الجحيم. فاجذب المتلقي بما أسميه (تِرْتِرْ القول) أو بلفظ أرقى كما عبر الله «زُخرُف القول» غرورا تغرُّه وتؤثر على لاوعيه حتى يرفض ويقبل لأجل العنونات الفارغة، والمسميات الباطلة المَزيفة، ويغض الطرف أو يُغَضُّ له عن بواطن الأمور وحقائقها الثابتة.. وكيف تؤمن بالحقائق وأنت ادعيتها نسبية؟ فلمَ أصلًا تدافع عنها وتؤمن بها إلى حد الاستماتة؟ ألست القائل بأن كل حقيقة هي حقيقة بالنسبة إلى صاحبها فقط؟ وأنت نفسك أيضا القائل بحرية الاختلاف وضرورة التسامح وقبول الآخر؟ إذًا لمَ لا تقر لي بحقيقيَّة حقيقتي، وتتقبل اختلافَنا دون تمييز أو تفنيد أو تقليل؟ إنما أناظرك بمبادئك التي ليست بمبادئ: أنت تعيش في وهم غير موجود في الواقع، تؤَصِّل لمبادئ وأنت لا تؤمن بوجود المبادئ، فكل ما حقق النفع الحسي عندك هو مبدأ يُعتَنق، وتُنَظِّرُ لحقائق أنت لا تؤمن بثبوتها؛ لأن كل حقيقة عندك باطلة الرسوخ، ومؤكدة النقض لدى الطرف الآخر، وتدعو إلى الحرية، لكنك لا تكفلها لغيرك، كأنك تدعو إليها فقط لعلمٍ يقينٍ في لاوعيك أنك مختلف وشاذٌّ عن الفطرة، فتفتح من خلالها لنفسك في المجتمع نطاقًا، ولكنك لا تمنحها للمجتمع المتحفظ نفسه؛ لأنها ستُستخدم ضدك، أليس كذلك؟ تحتكرها لأفكارك لتروِّجَ لها، وتمنعها مخالفيكَ حتى تُميتَ فكرهم، ومعتقداتهم، فيصبح لزامًا على كل امرئ أن يتسامح مع الشذوذ الذي لا يقبله في قناعاته الداخلية حتى لا يوصم بعار التخلف والتعصب، ولكنك لا تصمت عمن شذَّ عنك، تروج زورا وغرورا إلى تقبل الآخر والتسامح في الفكر، ولكنك تتعصب في ذلك، فلا تقبل أصلًا أن يتجادل معك أحد في فكرة قبول الآخر نفسها! وتعده متعصبا. عزيزي الحر بزيادة، أنت- من في الغرب- تتهم العرب بمعاداتهم السامية، وهم بنو سام؟ وتتخذ من ذلك حجاجًا على عنصريتهم، وأنت تميز ضدهم لصالح جنسك الأبيض في كل شيء، وحضارةِ الرجل الأبيض الإنجليزي منذ القرن التاسع عشر، وكنت إذَّاك- ولم تزل- تتهم فدائييهم بالإرهاب لأنهم يدافعون عن أرضٍ أنت مغتصبها؟ هذا يذكرني بـ (شبشب ماما) حينما كان تعاقبني بضربات نعلها وتأبى عليَّ العويل، فكنت ما صرخت، تزيدني من الضرب أبياعا حتى أصمت.. هي ازدواجية تناقضية تصيبك بجنون البقر، ولكنها حينما تأتي من أمي المواطنة المنفردة بذاتها لا تشكل الخطورة التي تشكلها حين تَرِدُكَ من دُوَل ومنظمات ورموز داعية إلى نقيض ما يأتونك به: تقبلنا ونحن لن نتقبلك، تسامح معنا ونحن لن نتسامح معك، اقبل معتقداتنا في أوساطك ونحن لن نقبلك بيننا، أي حضارة وأية حرية تَيْنِك؟ «كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين» الفكرة التي تدور حولها الآية هي ازدواجية التفكير. هذه الدعوة المضادة هي في حد ذاتها نقض لكل ما تدعون إليه من حريات ومساواة؛ لأنها تحمل في طياتها فكرة فرض حضارة الرجل الأبيض التي أتت بها سنون الاستعمار والإمبريالية منذ قرنين، ومع ظهور مضار الحروب وخسائرها المادية، تقررت حربٌ جديدة بمفاهيمَ جديدة تتمثل في سلاح الكلمة، وطلقة الفكرة؛ فتأسست منظمات تداري على خبث النوايا برصائع الدعاوى، وهذا ليس بجديد؛ فقد كان في كل أَون وعصر «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد» وهذا في الأديان يسمى النفاق، وهو الذي يتصدر المشهد اليوم، بل هو كل مشاهد المسرحية، بل هو تذكرة دخول المسرح نفسها. وكتطبيق عملي لإلباس المفاهيم: دُهشتُ وقد سمعت صديقًا لي لما رآى لي صورة فوتوغرافية بالقميص العربي (الكندورة أو الجلابية) متعمِّمًا الغترة–اللذين لا أضعهما عادةً- قال لي نصًا: «الصورة دي مخوفاني إيه لبس الـ rapers ده» والكلمة الإنجليزية تعني «المغتصبون» أو ربما عنى بها «الإرهابيون»، وهو رداء عربي أو بمفهومنا المعاصر خليجي، وليس له علاقة بالدين، ولكن أين هو من ثقافته العربي؟ ربما كفته وكفَّته نجاسات هوليوود. (انتهت الرسالة) أصلحك الله، وأدام لك عقلًا يستنير، وقلبا يتلمس نور البصيرة! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هرمنا ونحن نقول هذه الكلمات لمجتمع لا يألو الدعوة إلى الشذوذ، والدفاع عن التَحَيْوُنِيَّة لا الحرية؛ فهم يدعون إلى حقوق هم أول الأولين في انتهاكها، وحريات هم إمامُ من يخالفها ويَحرم المخالفين منها، الفكرة حكر على رب القلم، والطعنة حكر على رب السيف، أما عديمهما فهو متلقٍ خائرٌ، لا يملك أن يقول، ولا يملك أن يفعل، ولا يقدر ألا يَتْبع، فهم كل شيء بتمويلهم ومنصاتهم، العيب ليس عليهم، بل على من يواليهم، ومن يتولهم فإنه منهم. كلما تحضروا وتحدثوا تَحَيْوَنُوا، فتجدهم يخلعون ما سترهم الله به، ويتحررون من حكم العقل الذي ميزهم الله به وكرمهم على خلائقه واستخلفهم في أرضه، وحينما تساجلهم يتخذون البهائم قدوة، فيقولون وجدنا ذلك في الطبيعة! العري والشذوذ وأخذ إخذ اللذة دون قيود؛ والله لقد خلقني الله أكرم عليه من بهيمة لا تعقل ولا تحكم غرائزها، بل هم قوم حروفهم تخرج من أدبارهم وفروجهم، لا هي تنتج عن العقل، ولا يأتي بها لسانُ عاقلٍ مبين، أولئك هم الغافلون، والمنغلقون على ما أوتوا من القديم دون معاصرة فهم الجاهلون، نحارب التطرف، فلا اليمينية ولا اليسارية، وإنما (جعلناكم أمةً وسَطًا). الحريات كذبة مزعومة، حينما تلبس المسميات تتبدل المفاهيم ولكن القيمة تظل واحدة: التعري يظل تعريا حتى لو أسميناه تحررا أو تحضرا، والإلحاد يسمى تخلفا وظُلمة مهما كانت مسمياته الآن من حيث التنوير أو غيره، والدين يظل نورا مهما أسمَوه تخلفًا وقِدَمًا، والأخلاق تظل أخلاقا وسُموًا ورُقِيًّا مهما اتهموها بالرجعية، والعفة تظل عفة مهما وسموها بالتشدد والأصولية، ألا وأنا أصوليٌّ رجعيٌّ بكل فخر، وفي المثل المصري: (مِن فات قديمُه تاه)، ومتحرر متحضر بلا ازدواج؛ فأنا أرجع إلى القيمة وأتمسك بالأصول، وأتعرى من العصبية وأتحرر من الجهالة، وإن الأصولي من استأصل الجهل وفساد العادة، وتأصلت- بعدُ- فيه القيمة، وأصَّل في نفسه المبدأ، وهذه هي فطرة الإنسان العاقل السائد المستخلَف.

 
 
 

Comments


التواصل الاجتماعي

© 2021 by Ahmed Elkadi
Proudly created with Wix.com

 

الهاتف

Mob : +20 1552864069

Tele  : +20 233825932

البريد الإلكتروني

a.elkadi98@gmail.com

  • SoundCloud
  • podcast
  • Facebook
  • YouTube
bottom of page