
بين الانبهار والانهيار
- أحمد القاضي

- 9 أغسطس 2020
- 7 دقيقة قراءة
خشيت– طيلة السنوات الأخيرات اللاتي انقطعت فيهن لدراسة ثقافات الغرب وبِضَعًا من لغاته الرائجة في بلادنا والعالم أجمع– أن أهوي في غِمار التحيز العكسي لتلكم الثقافات الغريبة وحضاراتها المُحدَثة؛ فخُضت حلبة السباق اللُّغوي مذبذبًا بين آليات الرفض والانبهار.. هل هو (قُصر دِيل)؟ أم أنني أرقى بحضارتي وثقافتي الغرَّاء لأن أكون ما أنا كائنُه مُتَشَبِّثًا به في مواجهة موجة نقائضِه؟ وهل أساسه متين لدرجة التمسك تلك؟ ورفض البدائل المطروحة والطُرُزِ المبتذلة؟
هل هم بلاد الشيطان والإلحاد والفجور الذي أسست له بهيمية الغرائز والشهوانية البحتة التي أذعنت لها العقل وقيضت إنسانية العالم الغربي؟ أم إنهم بلاد التحرر والانفتاح والتحضر والنظافة والجمال الذي لم يكن ليراه عالمهم ذلكم إلا بعلمانية الدول وإباء الارتباطات الدينية المقدسة بحِلِّها وحرامها؟ وذلك لأنهم أفسدوها؛ فأفسدتهم، فعقروها؛ فعقرت أرواحهم، فباتوا أجسادا حيوانية تحيا بلا روح الإله، ولا أمل الاعتقاد، ولا سكينة الإيمان.
أصبحت أرتاع حرْفيا حينما أُلقَم في مثل هذه المجتمعات والأندية التي بت أرتئيها نافذة على هدم عماد حضارتي، والثقةِ بثقافتي التي لاقت من الهُونِ والامتهان مقدار الذي لاقته من العز والأَنَفَةِ سابقا، وذلكم بقدر ما أحتقر شخوصهم الذين باعوا أنفسهم ببخس الأثمان، واشتروا بمبادئهم الأصيلة رَثَّ الرغبات وأعْفَنها فاستثمروا فيه فِعالهم وتناسَوا أنهم في فناء.. أخشى أن أندرج بينهم أو معهم فأخزى، وأخشى أن أكون مجرد متحفظ تجاه ما لم أعرفه قبلًا!
خيوط الحقيقة
ثمة فروقٌ طفيفةٌ ظواهرُها، عميقةٌ جواهرها إلى حد خلق فجوة لا قاع لها بين الحقيقة وأشباه الحقيقة التي لا تفتأ تحمل زَيْفًا- في طيَّاتها- بين ماهيتها وما تبدو عليه بالفعل؛ وهو التباين الذي لا تتلاقى أقطابه البتَّة، ودعونا نلقي بعض الضوء على تسميات طَمَسَت حقائقَ، وألغت عقائدَ، وأمالت مبادئَ وأصولًا رواسخَ- وطَبِّقْ ذلك على كل شيء من حولك- كأنْ نُسمي العري تحررًا وحضارة، ونَئدُ العفة في مقبرة التخلف والرجعية؛ فنَطْمِسَ حقائقَ على أدبارها لأن تنقلب زَيْفًا بتسميةٍ أو دُعَاء، ونسمي الخيانة والدياثةَ انفتاحًا؛ فتتغير مجريات الأمور بين التأصيل للضلالة وهدم الحقيقة غِشًّا ومُخَاتَلَةً وبُهْتَانًا، وعلى النقيض من ذلك يعود التمسكُ بالقيمِ والوفاءُ انغلاقًا، والأخلاقُ رجعيَّةً، و"دَّقة قديمة".. فلماذا لا ندع الجميع يحيَون معتقداتِهم ومبادئهم باسم الحرية ذاتها؟ ولماذا يتوجب عليَّ أن أقبل طَمْسًا لكينونتي وقوميتي لصالحِ كِيانات مُستحدَثة ومصطلحاتٍ وليدةٍ، باسم الحرية والحقوقية؟ ولمَ لا تتسع تلك الحريةُ المصطنعة لأن تتقبلَ الشيء ونقيضه؟ أم لماذا عليَّ أن أتقبل نقيضَه إذا كانوا هم لا يُفسحون ليَ الساحةَ بما لديَّ من شيء؟ وهل تبقى إذًا حرية؟ هل يُفترض أن نُبطِلَ الأديان لكي نُفْسِحَ مجالا للمادية؟ أو نقمع الاحتشام ليصبح بذلك العري أوَّلِيًّا؟ ثم نـأمر العالمين بقبول الآخر بينما هم لا يجدون القبول في تلكم الأوساط الحَدْثاء، وكلٌّ بمَزْعمِ الحرية!
الحقيقة أن الباطل لا يستطيع أن ينطلق في غمرة الحق، وأن الضلالات لا يسعها أن تنتشر وتلقى رواجها والقبولَ في ظلال ما يضادها؛ لأن وجوده- ببساطة- يُفَنِّدُها ويُبَدِّدُ فرص تصديقها؛ لذلك أضحت أولى وسائل العولمة الثقافية هي غزوَ ثقافات الأضعف ودحضَها، وأولى وسائل الاستعمار الحضاري هي الطعنَ في أُسُسِ وأعراف حضارة ما، حتى إذا تفشى فيها الخَوَر أتوا إليها بالبدائل والنقيض، ولقد آتى هذا أُكُلَهُ يانِعَةً.
وإن الحرية التي يدَّعونها هي محض أكذوبة يبثون باسمها مفاسدهم، والحقوقية التي يعملون باسمها إنما هي غطاء يبيدون باسمه كل ما يخالف مصالحهم. هناك قوى خفية شريرة تعمل لصالح الشيطان- أو الملاك الكبير- الذي يسعى لأن يملأ الأرض بكل مفهوم يحيد عن الحق، ويطمس الحقائق، ويشوه المجتمعات، بل وجعل من عقل الإنسان أداة تخدمه في تدميره.. حينما تصبح الظُلوم عدالة، والأخلاقُ رجعية، والأديان تخلفًا والمادية تحضرًا، وتصبح كلمة الأديان المسموعِ دويِّ صداها هي لسانَ التعصبِ والطائفيةَ الداعيةَ إلى الإرهاب والترهيب؛ فهيهات للإنسانية- بقيمها الفطرية التي جُبِلَتْ عليها- أن تذخر، وقد أمست الأرض غَيْهَبًا للشياطين.
والحق أن الصراع بين الرفض الكامل والانبهار التام يستمر في غياب قوة الهوية وفي ظل ضعف القومية وتدهور الثقافة التي لا تنفك جميعا أساسًا للإحْنَة والشَأفَة التي تملأ المجتمعات الأضعف- لا سيما مجتمعاتنا العربية المتنامية- وكذلك الانبهار الذي يوقِعُ فجوةً بين المرء وتاريخه: حضارةً وإرثًا، فإن هي حضرت- أي الهُوية القومية والثقافية للأمة- صَمَدَ العالَمون- كلٌّ بخواصه وامتيازاته- أمام تيارات الانفتاح والعولمة الجارفة.
الثورة الجنسية ١٩٦٠-١٩٨٠
انبثق في ستينيات القرن العشرين ما عرفوه باسم الثورة الجنسية، والذي هو في واقع الأمر محض انحلال أخلاقي، وتدهور اجتماعي، وانهزام ديني وتحدُّر ثقافي، وقد كان لمثل ذاك دوافع خفية لعالم خفي لا يعلم عنه أحد؛ فقد عينوا لذلك مسؤولين ودفعوهم للتصديق على قرارات كانوا قد جهزوا لها، بل واستصدروا منهم قرارات تخدم مخططهم القبيح في نشر الإفساد وقمع المبادئ والقيم باسم الحرية الكاذبة لخلق مجتمعات آلية لا تَدين؛ مجتمعات تحيد كل الحَيد عن سمو الإنسانية التي غيروا لها المفاهيم حتى يستأثروا بها لذواتهم، ويتبعهم العالم الآخر الذي سوف يرى- لا ريب- في ذلك تطورا وتحضرا؛ بحكم انجذاب الأضعف إلى القوى المهيمنة، ثم يبثون في أذهان ذويه ضعف الثقة في حضارتهم القومية، وفيما لديهم من موروث نُشِّؤا فيه وترعرعوا عليه، بعدما ربطوا للأذهان تلك الأخلاقيات الشاذة بالحضارات الحداثية الأقوى، التي كسرت حاجز النمطية، وبلغت أوج الثورة الصناعية، واحتكرت ميادين السياسة برؤيتها الرأسمالية. وإن رؤية الصوبانية المطلقة في الآخر، والانبهار بما يأتيه- مثل العَيِّلِ يحذو حذو عائلِه- ما هي إلا فكرة بغيضة في اللاوعي تَسْبٍر غَور ظنك بضعف ما لديك، واهتزاز اعتقادك فيه.
المجتمع الغربي قبل الثورة الجنسية
لم تكن المجتمعات الغربية بهذا الشكل الذي نراها به الآن، وإنما كانت أكثر تحفظا وتدينا من حضارات العرب حاليا وسلفا، فيما قبل القرن المنصرم؛ لقد كان الزواج شريطة لإقامة علاقة جنسية- ربما حتى أعقاب الحرب العالمية الثانية- بل لم يكن من الرائج استخدام مصطلح «الممارسة الجنسية» وإنما كان «ممارسة الحب» هو الأشيع في تلكم المجتمعات، سموًا بالتعبير، وارتقاء بالمعاني، فقد حددوا الجنسَ ممارسَته في أرقى القوالب وهو الحب، وسمى به الإنسان طيلة تاريخه عن الغرائزية والشهوانية الحيوانية المبتذلة، وكان الزواج هو الميثاق المجتمعي الذي يمكن للمرأة من خلاله أن تحمل أو تنجب أطفالا، وعلى الرغم من انتشار الممارسات الشاذة دائما حتى في أوساطنا الإسلامية الآن وفي أوج تحضرها أيضا- فيما وراء الأضواء- إلا أنها كانت منبوذة ومستهجنة، بل إن المذاهب الفلسفية الداعية إلى ما يعيشون الآن في عباءته- وهو اللذة الحسية ونسبية الأخلاق- كانت غير أليفة للمجتمع، وكان الطبقات العليا من الزُبَد المثقفين والمفكرين وأصحاب الرأي والقلم هم من يروجون ويدعون، ويُزيِّنون ويصورون مجتمعًا ليس هو المجتمع، وإنما هو ما يريدون إليه مآل المجتمع، تمامًا كالذي نشهد اليوم في دور الإنتاج، والدراما والسينما العربية وغير ذلك.
حتى إن مختلف الدول الغربية كانت تجرم في قانونها مثل تلك الممارسات كإرث من الحضارة الرومانية التي خلَّدت ذلك حتى بعد سقوط إمبراطوريتها، ولكن تأتَّى الانسلاخ من كل القيم بدفع مستأجرين أكثرهم من الشواذ جنسيا وفكريا؛ ليقوموا بأعمال عنف وحرق وتدمير ممولين من جهات غير معلنة، ومدعومين من قيادات خفية ذات سلطان، كان على إثر ذلك إعتراف الكونجرس الأمريكي بطلباتهم التي مثلت أم الانحلال والفسوق بعينه: من حرية الممارسات الجنسية دون ارتباط، وحرية الإنجاب والإجهاض، وحرية التعري علانية، بما في ذلك حقوق المثليين.
لقد شهدت تلك المجتمعات حتى زمن هتلر وستالين وعُقَيِّبهما عقوبة الإعدام للمخالفين والشُّذَّاذ، حتى إن الممارسة المثلية مجرمة بالسجن والعزل- للمسؤولين- في بريطانيا حتى أواخر الفترة الستينية ذاتها، عندما قام النائب الإنجليزي (جيرمي ثورب) المزدوج الهوية الجنسية بتمرير قانون لصالح المثلية الجنسية في مجلس العموم ١٩٦٧م، وذلك بعدما اتهم هو ذاته بتلك الممارسات، واتهم أيضًا بابتذاذات واعتداءات على أحد معشوقيه الغارمين. العجيب في الأمر هو سرعة تطور الأحداث وتنسيق الإجراءات المتوالية فيما يبين للمُطَّلع أن ثمة ترتيبًا وتدابيرَ خفية وأن يدًا خفية تمثل قوىً عظمى تعمل من وراء الستار، فقد تم في الفترة ذاتها تنحية كل القيود على بيع العوازل الذكرية، وافتُعلت قوانين تهتم بجودتها وفن صناعتها، وانتشرت صناعة حبوب منع الحمل والدعاية لها، كل ذلك كتطبيق لثقافة «الحب الحر» التي أسس لها جماعة الهيبيز HIPPIE لافتين إلى أن الجنس غريزة فطرية لا ينبغي أن تُقيد أو أن تحاصرها مخاوف، ولقد تشبهوا بالسلوك البهيمي، وتَحَيْونت طبائعهم، مُلغيةً للعقل، وداعمة للغريزة المسيطرة، وهذه المجموعات تأسست بالأساس في ستينيات القرن الماضي ولاقت تأييدا من الشباب؛ رابطين قيمهم بالتطلعات السياسية في مواجهة الرأسمالية، فأصَّلوا لمعتقداتهم بين كل الأطياف والطبقات.
وعلى الصعيد الآخر، فقد أقرت دولٌ كأستراليا وفنلندا وكوستريكا إلغاء تجريم المثلية ١٩٧١م، وتبعتهم في ذلك العديد من الولايات الأمريكية، ثم أعلنت السويد ١٩٧٣م مباشرة اعترافها بحقوق المثليين وحرياتهم، وتوالى بُعَيد ذلك -على مر عقد من الزمان- ترخيص إنتاج وصناعة المواد الإباحية- في كندا ابتداء- والدعاية المعلنة لها بحرية لعينة في منتصف الثمانينيات، وتصنيع المنشطات الجنسية، لينتهي حديث النقاد والمؤرخين عن تلك الثورة الجنسانية بأنها «حرية التعبير الجنسي دون خجل أو قيد» ثم أتت تلك التطورات جميعا كمظاهر لذلك كله، فكان محور أهدافهم يدور حول بث القيم البهيمية وإضفاء الطابع الغرائزي على سلوك تلكم المجتمعات التي مُهِّدَ لأن تسود العالم وتغزوه بتلك الثقافة الوقحة.
الازدواجية الفكرية
وبالإشارة إلى القيم والتقاليد: لماذا لا تزال الملكات لا سيما الملكة إليزابيث في بريطانيا وأميرات ويندزور جميعهن ترتدين رداءات محتشمة تخضع مقاييس جمالها إلى التميز والاختلاف عن المقاييس الجمالية المستحدثة الخاضعة للتعري ومعاملة الجسد كسلعة ترويجية، والتي تعرض لها عارضات الأزياء والممثلات والراقصات والموضة الحديثة؟ لماذا يلتزمن بغطاء الشعر أو القبعة؟ أو يلتزمن بترجيلةٍ تقليدية لا زينةً فيها مُخِلةً ولا إغراء؟ لماذا تغطين أرجلهن بالجوارب؟ لماذا تجرم القوانين الملكية على بنات أسرتها الخوضَ في علاقات جنسية دون زواج؟ أو فقدان عذريتهن أو الإنجاب دون عقد رسمي؟ ولماذا تتشدد القوانين في ذلك ويسمونه عفة أو تميزًا لـ «لدم الأزرق» أو دم الملوك.
لماذا تمنع ملكة دولة مثل بريطانيا التي تشتهر بـ «شارع الحب للمثليين» وزيرًا لحكومتها من حضور حفلة خاصة مع شريكه أو زوجه المثلي الجنس؟ ولماذا طالت الشائعات ماكرون إبَّان توليه الرئاسة الفرنسية حتى بذل جهده لتفنيدها ولرفع صوره- المنشورة بالفعل قبلئذ- من مجلات الأزياء المثلية؟ لماذا لم يُقبل بكونه رئيسًا مزدوج الهوية الجنسية؟ لماذا اعترض ترامب وهاجم المرشحَ الرئاسي (بيتر بوتيتيج) النقادُ والمحللون السياسون قائلين صراحة: «لن يكون للولايات المتحدة رئيس مثلي الجنس»؟ أليست هي القوانين ذاتها؟ لماذا تستمر جرائم العداء في بريطانيا وفرنسا وأمريكا- على وجه التحديد- تجاه المتحولين جنسيا والمثليين حتى تصل- أو تكاد- إلى القتل؟ وصحفهم ثم موادُّهم التلفزية والدرامية أكبر مدلل على ذلك، ولماذا تعاني الفتيات من إباء آبائهن دخولهن مجال التمثيل أو احتقار هذا المجال الذي يقوم عليه جزء لا يُتَفَّه من اقتصاد هذه الدول؟ أو لماذا ترى في موادهم إيحاءات مثل «هي ممثلة، إذًا عاهرة وشِرِّيبة» وهم يستمتعون بهذه المشاهد ويزورون الدُورَ لأجلها، ولكنهم لا يقبلونها بفطرتهم الدفينة تحت استعار جمار الغريزة والميول إلى الضلال.
القضية أن الحق حق، والباطل باطل، وكلاهما بَيِّنٌ صُراح، وما أنت تأتيه مخالفةً لما جُبِلتَ عليه ومحاولة لتشويه فطرتك وتضليل ضميرك يظل مجرما قاتلا لذاك الضمير المجني عليه، ويظل لاوعيك محتفظا بما نُشِّئت عليه، لا قانعا بسواه مهما زينته أو ازدان، فالشيطان يعرف أنه شيطان مهما حاول أن يصطنع الظُلامة أو يعيش الضحية. ثم إن كل ما تراه هو محض ترويجات دعائية لحياة هم يريدون أن تصير عليها المجتمعات، وهي ليست واقعا، ليست واقعا، ولكنهم يُطبعون عليها عقول الصغار مستثمرين في الشهوات الشبابية، ومشعللي ألسنة الغريزة. هؤلاء الشياطين يحكمون العالم بالغرائز والشهوات؛ حتى يتثنى لهم قيادته، كالمُطعمِ عبدَه، والساقي الظمآن، الذي يملك ترياق حياته أو يوهمه بذاك. قال إبليس لله العلي: «لأُزَيِّنَنَّ لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين» فجعل الشهوات والميل الفطري إلى الغريزة أداة ووسيلة لإغواء بني آدم، وتغفيل عقولهم حتى يتحقق الوعيد المقطوع: «لأحتنكنَّ ذريتهم إلى قليلا» والاحتناك من السياقة، نقول احتنك الدابة أو الإبل؛ أي عقلها برباط حول عنقها وجرها منه يسوقها خلفه.. فهي دابة! وهي ضعيفة! مُساقة تابعة! مُلغاة العزم والإرادة! ثم هي أسيرةُ في عُقالها الذي بين يديه!
وإن هذا كله يذهب بنا إلى خطر الانسياق خلف المسميات، وصب الحقائق في قوالبَ زائفة تخبي جوهرها وتضفي عليه الزور والبهتان. إن الأعم دائما هو الأكثر بُطلا، وإن الحق أبدا هو الخفي المطمور؛ فحذارِ والانجراف في مجاري القطيع، فإن الانبهار الناتج عن ضعف ما لديك لا يؤدي بك إلا إلى الانهيار تباعا وما لديك.










عظيم