top of page

الهاشمي القـرشي
الشِعْرُ شِعْرِي~ والحَيَاْةُ بأسْطُرِي
باقٍ أَنَاْ مَهْمَاْ فَنَى مِنْ أَدْهُرِ
أعمال
علم الحديث وفن التدليس
*الكتاب معطل للمراجعة
بادئ ذي بَدءٍ، إن هذا الكُتَيِّبَ ابن الألفين وسبع عشرة كنت قد سطَّرته في حادثةٍ حينها، وهي عبادةُ الرمز، وتقديس النص، وإلغاء العقل، وتشويهُ الفطرة الإسلامية التي قال عنها إبراهيم زرادشت: في العرب يُبعثُ نبيءٌ لو نَشَرَ بعد بعثته بألف عام وكسور لم يدرِ أن تلك شريعته؛ فإن ذا المؤلَّف الذي بين يديك ما هو بكلام عالم إنما متعلم باحث عن الحق، غيور على دينه، وسيرة نبيئه، واسم ربه؛ فلا تَعُدَّنَّهُ- حاش لله- إنكارًا للحديث، بل هو استعراضٌ وإنكارٌ على التدليس فيه وعليه، وإن كنتُ لمُرتكبًا في كتابته خطأً جسيمًا أستسمحك فيه، وأستغفر الله منه: أني تحاملت على العلماء الأسبقين، وهم حسنوا النية، وافروا العلم، لهم أجر اجتهادهم الذي لا أنال شطره، ولا خُمُسَهُ ولا عُشرَه، وعليهم خطؤهم وضلال خاطرهم غفر الله لهم، وإن أشرس ما يؤدي بالإنسان إلى الهاوية سرعةُ حُكمِه، وقد عَجِلَت بيَ الكلمة، وخانني بعضُ التعابير، إلا إنني إن كنت ناشرًا ذلك فأراجع تعبيره، وأعيد صياغته إن شاء الله، وإنما عرضته كيما أعرض فكرةً وعلمًا غفل عنه- أو تغافل- الكُثْرُ من الأمة. وإنني لأرجو من الله به العَوْدَ إلى قرآنه؛ ألا يكون فينا قوله- صلى الله عليه وسلم- بسم الله الرحمن الرحيم: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا) والهجر هو هجر العمل به وإن قرأنا وسمعنا وحفظنا؛ لقوله تعالى: (فإذا قرأناه فاتَّبع قرآنه) صدق الله العظيم. ولقد يتأخر التعليل في ذلك إلى صفحات كتابي هذا، وما هو إلا ذكرٌ لقوم يعقلون، أو شاءوا.
ولعلي في هذا المقام أعتذر عن استخفاف بأيةِ قامة أو تقللٍ من الأدب في الحديث عن سِيَر هامِ الأمة، ولكان الحَرِيَّ أن أُخَطِّأَ من نقل عنهم، أو نسب إليهم، أو تمسك بأغلاطهم متغافلًا عن بشريَّتهم، وما إن كتب منهم أو فاهَ، قال إنما هو ظنٌّ وقد يشطنُ عن الصواب، وإن كنتُ لا أحبَُ بعضهم لسيرته، أو كثرة شططه، واستغلال منصبه، أو تشدده، فإن ذاك أدين به لله ولا أتعدى بالحكم فأفتن الناسَ في هام أمتهم، وأصول عقيدتهم، وأحبار إرثهم، وإن كنت لأذهب مذهب التأصل والمحافظة، فإني لأدينُ بالتجدين، وإن كنت أذهب مذهب التجديد، فإني لأدين بالمحافظة وأتأصل بالأصول، فأجدد دون هدم، وأحافظ دون عنادٍ وعصبية. وأشهد الله أني أتلذذ بمطالعة ابن كثير القرشي الأثيل، وإن خطَّأتُ أكثر تفسيره أو ضعَّفتُ أغلبَ تأليفه، فإني لأحبه مؤرِّخًا حاكيًا، ولأكثر ما وصل إليه إسرائيليات، وإني أحبه. وأعشق تراب القرطبي الأندلسي، وأهيم بمولانا الشافعي (المؤمنون بعضهم أولياء بعض) الحسيب النسيب شريف أشراف هاشمٍ بن المطلب، وأما مالكٍ فأستثقله وأرى في فتاواه ما أرى، وفي انقياده لأبي جعفر المنصور كرمي الدين لهًى بين شِقَّي الرحى، وفي خلافه مع مولاي وسيدي النعمان أبي حنيفة المتنور الفاهم ضربًا من الشطن والتعصب، ودفعًا إلى التبغيض، وأما ابن تيمية فأحبه فيلسوفًا ولا أحبه عالمَ دين، وإن له فلسفةً حرَّموها وأخفَوها في عصره وبعدُ، وكفرَُوه بها لأنها لزمت العقل وجاوزت المألوف، في حين أنه لا يُستفتى، لتعنته المعروف، وأن التكفير على لسانه أقرب إليه من التعليم، وإن قال أنه أخذ ما أخذ ابن حنبل والأئمة فإنه قد تعصب فيه ما لم يتعصبوا هم أنفسهم، حتى حاد وأضل مَن بعده، والوهابية دليل، وداعش آخَر، وأما أبي شيبة هذا فإلى الله آل، وعن علماء الموالي فالله ولينا ووليهم، ولقد كان أبشع ما قدمه لنا بنو العباس تسييد الموالي، وتفريس ثقافة العرب، وذاك من العيب الذي أدخل في ديننا الأداخيل، وأحدث فيه الأحاديث، وإن جل علماء الحديث- إن ليس كلهم- كذلك، وهم ناقلوا حكايا ومُقتفوا قَصص، ومن المفسرين من صحَّف في اللغة وألحن في التلاوة، وكان يتتلمذ عليه تلاميذ، وقد ذكره القرطبي، والله أعلم. وختامًا، فإن ما نُسب لعبد الرحمن بن صخر الدوسي إنما أكثره نَسَب، وعبد الرحمن لم يصحب النبي إلا ثلاث سنين، وروى عنه فوق الألف الخامسة فيما صحًَ من مجمل أحاديثه- صلى الله عليه وسلم- عن الدوسي وغيره جميعًا ما دون الخمسمئة وألفٍ من لدن بعثته إلى أن قضى (وفق ما ذهب إليه الإمام الذهبي صاحب سير الأعلام والنبلاء) ودون الخمسمئة من ذلك كانت لصحابته الراشدة، ويردك أيضًا في الكتاب محرقة الكتب التي افتعلها ابن الخطاب، وتأبي الصدِّيقُ تدوين الحديث، ونهي النبي عن الكتابة على لسانه غير القرآن. وإن زل قلمي فعلى الله الحساب، وإليه المرجع والمآب فيُنَبئكم بما عملتم وذلك على الله يسير.
الحور والمستور
أثصدِرَ هذا الكتاب في أصله ردًّا على تدنيس البعض من مدعي العلم المروجين إلى فكرة التمتع بالغلمان في الجنة، وأن ذاك في ثنايا الكتاب الحكيم، وقد ابتُدِئ الكتاب بقضية الحور العين تفسيرِها لغةً ودلالة، والفصل فيها من منظور المساواة في الجزاء والعقاب بين الذكر والأنثى، الأمر الذي أُخفيَ وتغافلَ عنه شِيخانُ السَلَف والخَلَف، حتى ذهبوا إلى ما هو أحب إلى نفوسهم، وأقرب إلى ذكورة مجتمعاتهم. والله أعلم.
(ولئن ظللتُ أنقل لكم -أيها القرَّاءُ كتابي هذا- فأُعَلِّقُ بعد هذا القول لأدخُلنَّ النارَ في سبٍّ وغيبةٍ؛ لكن غِيرَتي على الله ودينه الذي شُوِّهَ تأبى إلا الدفاعَ ولو بقلَم فمعاذَ الله أن تدفعني إلى ما لا يرضاه الدينُ عينه والله؛ لعنةُ الله على المَعِيبينَ ذوي الأُبَنِ، وأستغفرُه لي ولكم.)
تلك حدود الله
اعلمَنْ هذا الإصدارَ إصدارًا تجريبيًا، لما أن كنت كتبته مذ عامين، فرأيت فيه حاجة للمراجعة والإضافة، ورأيتني منشغلًا عنه، وإذَّاك عزمت نشره بما فيه من هدى أرجوه، وحجبت منه ثلاثة فصول لمَّا تكتملْ؛ هي حد الخمر، والقصاص، وتعريف كل الكفارة والحد والجزاء تعريفا فقهيا، وإني لم أنشره إلا لحاجة العالمين إلى ما فيه من علم ليس بالجديد ولا المُحدث، لكنه مندرسٌ يحتاج إلى من ينقب عنه ويبحث تفتيشًا.. فإن أنت رأيت فيه خطبًا أو إصلاحًا فراسلني، بارك الله فيك، واعلم أني قائمٌ عليه، ولو انشغلت، وسأصدر النسخة الأحدث في القريب إن شاء الله فور الإنتهاء من تنقيحها، وإن للمجتهد أجين إذا أصاب، وإذا أخطأ أجرًا. وفقنا الله إلى الصلاح وآتانا تقواه!
bottom of page